هل تعاهد الله على ترك المعصية؟
حين يواقع بعضٌ من الشباب المعصية، وتكويه نارها، يتحرك وازع الإيمان في قلبه، ويحترق ندماً وتألماً، ويشعر أن نفسه الضعيفة أوقعته في المعصية، حينها يعاهد الله سبحانه وتعالى أن لا يقارف المعصية، أو ينذر لله أن يصوم كذا وكذا أو يصلي كذا وكذا.
هذا المسلك لاشك أن الباعث عليه هو التألم من مواقعة المعصية، والرغبة في كبح جماح النفس، ووضع حد لتجاوزاتها ؛ ولكن:هل سلامة النية وحدها كافية في الحكم على عمل أنه صائب وموافق للشرع؟
وحين نضع الموضوع على محك النقاش نستطيع أن نسجل الملحوظات الآتية:-
1 - الغالب أن الدافع لهذا الشاب لمثل هذا المسلك هو شعوره بالفشل في مقاومة نفسه، ومن ثم يرى أنها بحاجة للّجوء لهذه الأساليب للضغط عليها. والنفس لاشك قد تضعف، ويشعر صاحبها أنها قد تخونه، لكن مثل هذا المسلك هروب عن الأسلوب الأنجح في كبح جماحها.
ويشير القرآن الكريم إلى هذا المعنى، موجهاً إلى الالتفات للسبب الحقيقي، والأسلوب الأولى. ألا وهو الحزم مع النفس، وقوة العزيمة. ((وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة)) (النور53) فالقضية ليست بحاجة للقسم، إنما طاعة وعزيمة.
2 - حين يعاهد الله على عدم مواقعة المعصية فقد تضعف نفسه ويواقعها. وقد يخشى أن ينطبق عليه قول الله تعالى ((ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين. فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون. فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون)) (التوبة 75-77).
3- لقد نهى ز عن النذر وأخبر أنه:"لا يرد شيئاً إنما يستخرج به من البخيل". فحين ينذر ثم يفشل ويقع في المعصية يكون قد ألزم نفسه ما لم يلزمه الشرع به.
وكثيراً ما نجد المرء يسأل وقد نذر أو عاهد الله أن يفعل فعلاً فلم يفعله، ويبحث عن المخرج. وكان الأولى به اختصار الطريق من البداية.
4- لو فكر هذا الشاب في نفسه ملياً لرأى أنه لا فرق بين الذي عاهد الله أو الذي لم يفعل. فالذي أوقعه في المعصية إنما هو استيلاء الشهوة وغلبة داعيها على داعي الإيمان. فهذه المعاهدة لن تصنع شيئاً ولن تجدي.
}منقول{