قم جانب الغار اعظاما لزائره
وطأطئ الرأس اكبارا لعامره
فتى الشباب على ريعانه خلعت
عليه حلة شيخ الدهر كابره
في هيبة وسنى ما طال وصفهما
رب البيان ولا تخييل شاعره
كهيبة الدهر لم يظفر بروعتها
كسرى ولانالها اقوى قياصره
والحسن يشرق من لألاء غرته
مترجما عن جمال في سرائره
جبريل راع أمين في ميامنه
حاد ورضوان شاد في مياسره
أنظر اليه تزين الغار طلعته
وترسل الأنس في جافي بشائره
وتبعث النور في اقصى جوانبه
مع النسيم يغني في بشائره
ترى الملائك صفا حوله وترى
عرائس الحور تجلى في حظائره
حتى تختال حنان القدس قائلة
في ناظر من نعيم الخلد عاطره
والغار يختال معتزا بنازله
كقائد يتهادى في عساكره
وكيف لا يتعالى والمقيم به
محمد خير هاد في مآثره
يقظي الليالي والأيام معتكفا
مستغرقا في الرؤى مغض نواضره
يلذه الفكر والنجوى لخالقه
كما يلذ محب عطف هاجره
عبادة الروح في أسمى مراتبها
من هاجد في ظلال اليل ساهره
هذا التحنث في ابهى صفائه
هذا التعبد في اصفى عناصره
تحدو للغار أحلام مصدقة
كباهر الصبح تسرب في مشاعره
احساس منتدب من ربه لهدى
هذا الأنام الى أسمى مصايره
رأى الأعاريب والأصنام قبلتهم
وغيرهم ضل عن تمجيد فاطره
لا يعرفون نظاما للحياة ولا
يسترشدون بسامي الذكر نائره
فقال: رب اهدني للحق اتبعه
ونور عقلي وقلبي من مصادره
اني ارى القوم اردتهم ضلالتهم
فهام كل فريق في دياجره
أهذه النصب والأصنام آلة
أيعبد العقل شيأ في مساخره
ما تلك لو فكروا في الحادث سوى
العوبة من بديع الصنع ماهره
راجت زمانا على قومي فويحهم
كم أذغنوا لخبيث الرأي ماكره
هذا الذي نكس الأصنام واندحرت
جحافل الشرك رعبا من بواتره
أمي قوم يتيم ما تلا سورا
للعلم في كتبه او دفاتره
ولا تلقن تدريبا يخرجه
من درس استاذه او من محاضره
فأعجب له هاديا وأعجب له بطلا
وأعجب له عبقريا في خواطره
الله ادبه الله هذبه
وخصه باليتامى من جواهره
أسدى اليه من الأخلاق أعضمها
وزانه بمصون من ذخائره
وكان الله فيه ما اراد له
وجاءه الوحي رمزا في بواكره
فظل يرعد من خوف فطمأنه
جبريل والله قوى من أواصره
ثم اجتباه رسولا ملهما لسنا
يعلو بقرآنه اعلى منابره
لم يخش من سوقة فيهم ولا ملك
و لا أذى سيد في الحكم جائزه
حتى سرت في أقاصي الارض شرعته
وعمهما بجليل من بواهره
بنى لامته مجدا يخلها
لا حول للدهر في تخريب عامره
هذا البناء على القرآن شيده
ان زلزل الكون ينجوا من ثوائره
(حراء)مالك لم تجزع عليه اسى
ألم تكن بحفيظ العهد ذاكره؟
ألا يروعك بعد الحب عن سكن
حنا عليه كغصن نحو طائره؟
فقال : حسبي حظا أن أكون له
جسرا الى الفوز, أو احدى قناطره
حراء كم لك من فضل على به
نظمت شعري سريا في مفاخره
ان كنت قصرت في وصفي محاسنه
فليس تقصير أمثالي بضائره
أو كنت أحسنت فأحسان معدنه
أخلاقه, واريجي من أزاهره
بشير يموت