ا
من كتيب (( رحلة الى السماء ... العريفي ))
قال سمرة بن جندب : كان رسول الله إذا صلى الغداة أقبل علينا بوجهه فقال : هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا ؟ فإن كان أحد رأى تلك الليلة رؤيا قصها عليه ، فيقول فيها ما شاء الله أن يقول . فسألنا يوم فقال هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا ؟ فقلنا : لا ، قال : لكن أنا رأيت رجلين أتياني فأخذا بيدي ، فأخرجاني إلى أرض فضاء ، أو أرض مستوية . فانطلقت معهما وإنا أتينا على رجل مضطجع ، وإذا آخر قائم عليه بصخرة ، وإذا هو يهوي عليه بالصخرة لرأسه ، فيثلغ بها رأسه ، فيتدهده الحجر هاهنا ، فيتبع الحجر يأخذه ، فما يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى ، قلت : سبحان الله !! ما هذان ؟!
قال : قالا لي : انطلق .. انطلق ..
فانطلقا ، فأتينا على رجل مستلق على قفاه ، ورجل قائم على رأسه بيده كلوب من حديد ، فيدخله في شقه ( جانب فمه ) فيشقه حتى يبلغ قفاه ، ومنخريه إلى قفاه ، وعينيه إلى قفاه ، ثم يخرجه فيدخله في شقه الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول ، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح الأول كما كان ، ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى ، قلت سبحان الله !! ما هذان ؟! قال قالا لي : انطلق .. انطلق ..
فانطلقنا ، فإذا بيت مبني على بناء التنور ، أعله ضيق وأسفله واسع ،وإذا فيه لغط وأصوات ، فاطلعت فإذا فيه رجال ونساء عراة ، يوقد تحته نار ، فإذا أوقدت ارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها ، فقلت ما هذا ؟! قال : قالا لي : انطلق .. انطلق..
فانطلقنا ، فأتينا على نهر أحمر مثل الدم ، وإذا في النهر رجل يسبح ، وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة ، فيقبل الرجل الذي في النهر ، فإذا دنا ليخرج ، يأتي ذلك الرجل الذي قد جمع الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرا حجراً ، فينطلق فيسبح ما يسبح ، ثم يرجع إليه ، كلما رجع إليه فغر له فاه وألقمه حجرا ، قلت : ما هذا ؟! قال : قالا لي: انطلق .. انطلق..
فانطلقنا ، فأتينا على رجل كريه المرآة ، كأكره ما أنت راء رجلا ً مرآة ، فإذا هو عند نار له يحشها ويسعى حولها ، قلت لهما : ما هذا ؟! قال قالا لي: انطلق.. انطلق..
فانطلقنا ، فأتينا على روضة معشبة فيها من كل نور الربيع ، فيها شجرة عظيمة وإذا بين ظهراني الروضة رجل قائم طويل لا أكاد أن أرى رأسه طولاً في السماء ، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط وأحسنه ، قلت لهما : ما هذا ؟! وما هؤلاء ؟! قال: قالا لي: انطلق .. انطلق ..
فصعدا بي في الشجرة ، فأدخلاني داراً لم أر داراً قط أحسن منها ، فإذا فيها رجال شيوخ وشباب ، وفيها نساء وصبيان ، فأخرجاني منها ، فصعدا بي في الشجرة ، فأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل منها ، فيها شيوخ وشباب ..
فانطلقنا ، فانتهينا إلى دوحة عظيمة ، لم أر دوحة قط أعظم منها ولا أحسن ، فقالا لي : ارق فيها ، فارتقينا فيها ، فانتهيت إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة ، فأتينا باب المدينة ، فاستفتحنا ، ففتح لنا فدخلنا ، فلقينا فيها رجالا شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء ، وشطر كأقبح ما أنت راء ،فقالا لهم : اذهبوا فقعوا في ذلك النهر ، فإذا نهر صغير معترض يجري كأنما هو المحض في البياض ، فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا وقد ذهب ذلك السوء عنهم وصاروا في أحسن صورة .. قلت : فإني رأيت منذ الليلة عجباً ، فما هذا الذي رأيت ؟!!
قالا لي : أما إنا سنخبرك : أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر ، فإنه رجل يأخذ القرآن فيرفضه ، وينام عن الصلوات المكتوبة .
وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ، وعيناه إلى قفاه ، ومنخراه إلى قفاه ، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق .
وأما الرجال والنساء العراة الذين في بناء مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني .
وأما الرجل الذي يسبح في النهر ويلقم الحجارة فإنه آكل الربا
وأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها فإنه مالك خازن جهنم .
وأما الرجل الطويل الذي رأيت في الروضة فإنه إبراهيم
وأما الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة ، فقال بعض المسلمين : يا رسول الله وأولاد المشركين ؟
فقال : وأولاد المشركين.
وأما القوم الذين كان شطر منهم حسنا وشطر قبيحاً فإنهم خلطوا عملاً صالحا وآخر سيئاً فتجاوز الله عنهم .
وأنا جبريل ، وهذا ميكائيل ، ثم قالا لي : ارفع رأسك ، فرفعت رأسي ، فإذا هي كهيئة السحاب ، فقالا لي : وتلك دارك ، فقلت لهما : دعاني أدخل داري ، فقالا لي :إنه قد بقي لك عمل لم تستكمله ، فلو استكملته دخلت دارك . ( مجموع من روايتي البخاري وأحمد ) [b]