لاتحزن
يــا الله
{ يسأله من في السموات والارض كل يوم هو في شأن } : إذا اضطرب البحر وهاج الموج وهبت الريح العاصف ، نادى أصحاب السفينة : يا الله.
إذا ضل الحادي في الصحراء ومال الركب عن الطريق وحارت القافلة في السير ، نادوا : يا الله.
إذا وقعت المصيبة وحلت النكبة وجثمت الكارثة ، نادى المصاب المنكوب : يا الله.
إذا أوصدت الأبواب أمام الطلاب ، وأسدلت الستور في وجوه السائلين ، صاحوا : يا الله.
إذا بارت الحيل وضاقت السبل وانتهت الامال وتقطعت الحبال ، نادوا : يا الله.
إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت وضاقت عليك نفسك بما حملت ، فاهتفت : يا الله.
ولقد ذكرتك والخطوب كوالح *** سود ووجه الدهر أغبر قاتم
فهتفت في الأسحار باسمك صارخا **** فإذا محيا كل فجر باسم
إليه يصعد الكلم الطيب ، والدعاء الخالص ، والهاتف الصادق ، والدمع البريء ، والتفجع الواله.
إليه تمد الأكف في الأسحار ، والأيادي في الحاجات ، والأعين في الملقات ، والأسئلة في الحوادث.
باسمه تشدو الألسن وتستغيث وتلهج وتنادي ، وبذكره تطمئن القلوب وتسكن الأرواح ، وتهدأ المشاعر وتبرد الأعصاب ، ويثوب الرشد ، ويستقر اليقين ، { الله لطيف بعباده }
الله :
أحسن الأسماء وأجمل الحروف ، وأصدق العبارات وأثمن الكلمات ، { هل تعلم له سميا }
الله :
فإذا الغنى والبقاء ، والقوة والنصرة ، والعز والقدرة والحكمة ، { لمن الملك اليوم لله الواحد القهار }
ا لله :
فإذا اللطف والعناية ، والغوث والمدد ، والود والإحسان ، { ومابكم من نعمة فمن لله }
الله :
الجلال والعظمة ، والهيبة والجبروت.
مهما رشفنا في جلالك أحرفا *** قدسية تشدو بها الأرواح
فلأنت أعظم والمعاني كلها *** يارب عند جلالكم تنداح
اللهم فاجعل مكان اللوعة سلوة ، وجزاء الحزن سرورا ، وعند الخوف أمنا.
اللهم أبرد لاعج القلب بثلج اليقين ، وأطفىء جمر الأرواح بماء الإيمان.
يا رب ، ألق على العيون الساهرة نعاسة امنة منك ، وعلى النفوس المضطربة سكينة ، وأثبها فتحا قريبا.
يا رب اهد حيارى البصائر إلى نورك ، وضلال المناهج إلى صراطك ، والزائغين عن السبيل إلى هداك.
اللهم أزل الوساوس بفجر صادق من النور ، وأزهق باطل الضمائر بفيلق من الحق ، ورد كيد الشيطان بمدد من جنود عونك مسومين. اللهم أذهب عنا الحزن ، وأزل عنا الهم ، واطرد من نفوسنا القلق.
نعوذ بك من الخوف إلا منك ، والركون إلا إليك ، والتوكل إلا عليك ، والسؤال إلا منك ، والاستعانة إلا بك ، أنت ولينا ، نعم المولى ونعم النصير.
فكر واشكر
المعنى أن تذكر نعم الله عليك فإذا هي تغمرك من فوقك ومن تحت قدميك { وان تعدوا نعم الله لا تحصوها } صحة في بدن ، أمن في وطن ، غذاء وكساء ، وهواء وماء ، لديك الدنيا وأنت ما تشعر ، تملك الحياة وأنت لا تعلم { واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } عندك عينان ، ولسان وشففان ، ويدان ورجلان { فبأي الاء ربكما تكذبان } هل هي مسئلة سهلة أن تمشي على قدميك ، وقد بترت أقدام؟! وأن تعتمد على ساقيك ، وقد قطعت سوق؟! أحقير أن تنام ملء عينيك وقد أطار الألم نوم الكثير؟! وأن تملأ معدتك من الطعام الشهي وأن تكرع من الماء البارد وهناك من عكر عليه الطعام ، ونغص عليه الشراب بأمراض وأسقام؟! تفكر في سمعك وقد عوفيت من الصمم ، وتأمل في نظرك وقد سلمت من العمى ، وانظرإلى جلدك وقد نجوت من البرص والجذام ، والمح عقلك وقد أنعم عليك بحضوره ولم تفجع بالجنون والذهول .
أتريد في بصرك وحده كجبل أحد ذهبا ؟! أتحب بيع سمعك وزن ثهلان فضة؟! هل تشتري قصور الزهراء بلسانك فتكون أبكم؟! هل تقايض بيديك مقابل عقود اللؤلؤ والياقوت لتكون أقطع؟! إنك في نعما عميمة وأفضال جسيمة ، ولكنك لا تدري ، تعيش مهموما مغموما حزينا كئيب! وعندك الخبز الدافىء ، والماء البارد ، والنوم الهانىء ، والعافية الوارفة ، تتفكر في المفقود ولا تشكر الموجود ، تنزعج من خسارة مالية وعندك مفتاح السعادة ، ومن اطير مقنطرة من الخير والمواهب والنعم والأشياء ، فكر واشكر { وفي انفسكم افلا تبصرون } فكر في نفسك ، وأهلك ، وبيتك ، وعملك ، وعا فيتك ، وأصدقائك ، والدنيا من حولك { يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها }
من كتاب لاتحزن