و حبيت اشاركم قصيدة للاصمعي و بعتقد انه الكل قد سمع بها و سمع عن الاصمعي و دهائه
صَوتُ صَفِيرِ البُلبُلِ هَيَّجَ قَلبِي التَمِلِ
الماءُ وَالزَهرُ مَعاً مَع زَهرِ لَحظِ المُقَلِ
وَأَنتَ يا سَيِّدَ لِي وَسَيِّدِي وَمَولى لِي
فَكَم فَكَم تَيَمَّنِي غُزَيِّلٌ عَقَيقَلي
قَطَّفتَهُ مِن وَجنَةٍ مِن لَثمِ وَردِ الخَجَلِ
فَقالَ لا لا لا لا لا وَقَد غَدا مُهَرولِ
وَالخُوذُ مالَت طَرَباً مِن فِعلِ هَذا الرَجُلِ
فَوَلوَلَت وَوَلوَلَت وَلي وَلي يا وَيلَ لِي
فَقُلتُ لا تُوَلوِلي وَبَيّني اللُؤلُؤَ لَي
قالَت لَهُ حينَ كَذا اِنهَض وَجد بِالنقَلِ
وَفِتيةٍ سَقَونَنِي قَهوَةً كَالعَسَلَ لِي
شَمَمتُها بِأَنَفي أَزكى مِنَ القَرَنفُلِ
فِي وَسطِ بُستانٍ حُلِي بِالزَهرِ وَالسُرورُ لِي
وَالعُودُ دَندَن دَنا لِي وَالطَبلُ طَبطَب طَبَ لِي
طَب طَبِطَب طَب طَبَطَب طَب طَبَطَب طَبطَبَ لِي
وَالسَقفُ سَق سَق سَق لِي وَالرَقصُ قَد طابَ لِي
شَوى شَوى وَشاهشُ عَلى حِمارِ أَهزَلِ
يَمشِي عَلى ثَلاثَةٍ كَمَشيَةِ العَرَنجلِ
وَالناسِ تَرجم جَمَلِي فِي السُواق بِالقُلقُلَلِ
وَالكُلُّ كَعكَع كَعِكَع خَلفي وَمِن حُوَيلَلي
لَكِن مَشَيتُ هارِباً مِن خَشيَةِ مُبَجَّلِ
يَأمُرُ لِي بِخَلعَةٍ حَمراء كَالدَم دَمَلي
أَجُرُّ فيها ماشِياً مُبَغدِداً لِلذِيِّلِ
أَنا الأَدِيبُ الأَلمَعِي مِن حَيِّ أَرضِ المُوصِلِ
نَظِمتُ قِطعاً زُخرِفَت يَعجزُ عَنها الأَدبُ لِي
أَقولُ فَي مَطلَعِها صَوتُ صَفيرِ البُلبُلِ
طبعا هذه القصيدة كتبها شاعرنا المخضرم و القاها على مسامع الخليفة ابو جعفر المنصور
ذلك الخليفة الذي كان يحفظ اية قصيدة من اول مرة يسمعها و كان له غلام يحفظها من المرة الثانية و جارية تحفظها من المرة الثالثة
و كان قد تعهد باعطاء اي شاعر ياتي بقصيدة من بنات افكاره وزن ماكتبت عليه القصيدة ذهبا
و بسبب قوة فطنته و حدة ذكائه كان الشاعر يخرج من بلاطه صفر اليدين لحين اتاه الاصمعي بهذه القصيدة اللتي لم يستطع الخليفة حفظ و لا حتى بيت واحد منها فقد كثرت عليه اللامات و الياءات
فخرج الاصمعي من عند امير المؤمنين بخزينة الدولة كلها لانه كان قد كتب قصيدته على عمود من رخام
و بعد هذا الموقف راجع ابو جعفر المنصور نفسه و تبين ان هذه خطة من الاصمعي و ذلك لعيد للشعراء حقوقهم و جوائزهم