بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين
في تصور البعض أنه لا يوجد من لا يستسيغ العسل وإن وجد فإنه نادر
والحقيقة أن أغلب البشر لا يستسيغ العسل !
لا تعجب من ذلك ....
وتعال لترى بنفسك !
يأنف المريض من أمور عادة لا يأنف منها حال صحته
وذلك لتقلب مزاجه وعجزه وقلة تحمله
وفي خضم ذلك تختل لديه ملكة الإحساس ببعض الأشياء من حوله فلا يهنأ بلذيذ الطعام وحلو الشراب
حتى ولو كان المطعوم عسلاً ؛ فإنه يجد مرارة تجعله لا
يستسيغ له طعماً و ينفر منه اشمئزازاً .
ولا ريب أن العلة في جسده وجوفه المريض لا في العسل .
وفي الجانب الآخر نجد مريض القلب المتعلق بالشهوات
والمنكرات ينفر من العبادة ويستثقل الطاعة و لا يتحمل سماع
القرآن رغم أن العبادة لذة وراحة واطمئنان والقرآن شفاء
ورحمة إلا أنه لا يستلذ بهذه القربات وينفر منها .
وبين المريضين تشابه أحبتي في الله ...
فكما أن العلة ليست في العسل بل هي في جوف مريض الجسد ، فالعلة ليست في القرآن( وحاشا لله ) بل إن العلة في القلب البعيد عن الله وإلا فاقرأ قول الله تعالى
[[ وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ]]
وما هذا الخلل في الحكم على ثوابت الأمور إلا لمرض حل به جعله يجد العسل ( القرآن الذي هو وحي الرحمن ) علقماً ، والعلقم ( الأغاني التي هي صوت الشيطان ) عسلاً ،
وكذلك ( الصلاة والهداية ومجالسة الصالحين ) يجدها علقماً ، وأما ( السخرية والغيبة والأنس بأصحاب المنكر ) يجدها عسلاً .
فلله ما أنكس هذه القلوب التي جعلت من الحق باطلاً ومن الباطل حقاً ومن المعروف منكراً ومن المنكر معروفاً .
فلم إذاً لا يُستساغ العسل ؟! أعني الهداية ؟!
إجابة عن هذا التساؤل أقول أحبتي .. ما هذا الإعراض إلا نتيجة لمرض حل بالقلوب وغير فطرتها وإلا فالقلوب السليمة لا تهنأ إلا بالله ولا تأنس إلا بذكره ،
قال تعالى { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّه وجلت قلوبهم وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }
ومن الأمراض التي طمست على القلوب وأعمت بصيرتها فأصبحت لا ترى معها نور الهدى مرض النفاق والرياء والشك كما في هذه الآية
(( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً )) فزادهم الله مرضاً يعني نفاقاً ورياءً وشكاً والعياذ بالله .
ومن الأمراض كذلك مرض الشبهة ، قال الله تعالى (( وَإِذْ يَقُول الْمُنَافِقُونَ وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض مَا وَعَدَنَا اللَّه وَرَسُوله إِلَّا غُرُورًا ))
قال الذي في قلبه مرض بما يجده في نفسه من الشبهة بأنه ما وعدهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا غروراً .
ومن الأمراض مرض الشهوة ، قال الله تعالى (( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوًلاً معروفاً ))
(( فلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ )) يَعْنِي بِذَلِكَ تَرْقِيق الْكَلَام إِذَا خَاطَبتْنَ الرِّجَال وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : " فَيَطْمَع الَّذِي فِي قَلْبه مَرَض " وهو مرض الشهوة
" وَقُلْنَ قَوًلاً مَعْرُوفًا " أي حَسَنًا جميلاً مَعْرُوفًا فِي الْخَيْر .
فهل أدركت الآن لم لا يُستساغ العسل ؟!
فإن أردت العلاج فهاك هو بإذن الله :
1- المعرفة بالله تعالى
2- تذكر الموت وما بعده
3- زيارة القبور ( للرجال ) والتفكر في حال أهلها
4- النظر في آيات القرآن الكريم
5- تذكر الآخرة والتفكر في القيامة وأهوالها
6- الإكثار من الذكر والاستغفار
7- زيارة الصالحين وصحبتهم ومخالطتهم والقرب منهم
8- مجاهدة النفس ومحاسبتها ومعاتبتها
لا تنسونا من الدعاء