معاناة سرفيس
- نعم سرفيس . فكل الناس تحكي عن معاناتها إلا نحن معشر السرافيس صم بكم . لا نكل و نمل ننقلكم حيث تشاءون . نأخذكم حيث تودون .
- نأكل الطرقات . نلتهم الجبال و الوديان و لا ننبس بكلمة
- كل مصائبنا و أتراوحنا منكم
- من سائقٍ أرعن أو راكبٍ مدهن تتأوه تحته كل المقصات و تولول منه كل المفاصل و الصواميل
- سأسرد لكم معاناتنا منذ الصباح و حتى النوم هذا إذا نمنا .
- ننام عادةً و بطوننا فارغة لا يوجد فيها نقطة مازوت (( مازوت ياريت )) هذا أول ما تسمعه من صاحب المحطة الموقر فقد أمضى الليل كله سهران لتلبية طلبات المواطنين . طبعاً أصحاب سيارات الشحن و المهربين لأنهم يدفعون حسب تسعيرة الدول المجاورة حسب قول الوزير . فبعد أخذ و رد و روح جيب المفرزة و خبر المخفر يتكرم عليك ببعض اللتيرات (( تمشاية حال )) لأنك غالي هكذا يقول و إذا تكرم و ملأ لك الخزان فأنت من المحظوظين و المميزين عند صاحب المعالي . فتخجل أن تستفسر عن تلك الكمية الكبيرة من اللترات كيف حشرت في هذا الخزان الصغير .
- فيا سيدي هذه تكنولوجيا حديثة فهذا مازوت مضغوط (( شو الكمبيوتر أحسن منا )) و لا تستطيع الاستفسار أيضاً عن كمية الماء المخلوطة هل هي كافية لتسهيل عملية الهضم و لحق مصافي مازوت .
- كل الناس تأخذ حب وجع راس و تحاميل . إلا نحن معشر السرافيس إما مصفاة مازوت أومصفاة زيت و على ذكر الزيت يا سيدي فكل شيٍ بعده يهون فقد أصبح للزيت أنواع .
- زيت مكرر- زيت مخلوط – زيت مغشوش –زيت عسكري-و كله يدخل تحت أسم شق عالي فلا يوجد فيه من العالي إلا سعره
- بالأمس أحد أقربائنا السرافيس التقى صدفةً مع سوزوكي بيضاء ممشوقة القوام كحيلة العينين و كان بينهما قصه حب يعرفها الجميع و كانا على وشك إتمام مراسيم الزواج قبلح غلاء المازوت
- التقيا صدفةً في احد الشوارع المكتظة بالحفر و المطبات فما إن شغل لها الزمور و ردت عليه بالغماز اليمين إيذانا له بالتجاوز . وجد نفسه عالقاً في أحد الريكارات التي تركتها البلدية بدون غطاء بحجة لا توجد ميزانية .
- اليوم أي نعم اليوم و منذ ساعات فقط ولولا ما الله لطف كنت سأسلت في أحد الخنادق المكشوفة التي تركها المتعهد و ذلك لتوفير مشقة عناء الحفر في العام القادم فآثرت التعربش على ذلك المطب اللعين الذي قطع أنفاسي بالصعود و الهبوط
- صحيح أن المطبات تدل على مقام صاحبها فهي تكبر معه إذا كبر و تصغر إذا صغر و هذه قصة إحداها
- كان هناك مطب يقطع الشارع أمام منزل أحد المسئولين و كان هذا المطب واطيا حين كان صاحبه كذلك .
- و كان كلما ارتقى صاحبه رتبة في السلم الوظيفي كان يرفع منسوب ذلك المطب حتى غدا كا الطود الشامخ يقبع أمام باب داره و قد أصبح من العلامات المميزة لهذا البلد .
- فإن سألت عن مكان أحدهم يقال لك بعد أجحش مطب على اليمين مثلاً .
- و كلمة أجحش هي كناية للدلالة على المبالغة في أمر ما .
- و بعد مرور الزمن و تنحي صاحبنا عن منصبه أصبح يقال بعد مطب الجحش أو قبل مطب الجحش . و بعد فترى أزيل هذا المطب من هذا الشارع كما أزيلت الكلمة من الجملة
- أتذكر ذلك بكثير من الأسى أتذكره حين انعطفت فجأة و تسلقت الرصيف تفادياً من كارثة . انعطفت لكي لا أنطح ذلك المطب اللعين أيام عز صاحبه كما أتذكر إقبال خانم كيف هرست الراكب بجوارها حين مالت عليه أثر الانعطاف و إقبال خانم مثلها مثل باقي المسافرين لاكن لها بعض الخصوصية
- فوزنها الزائد يضطرها لأخذ مقعدين قبل الأكل و ثلاثة بعده . هجرها زوجها و تزوج بأخرى . ثرثارة يرفض الجميع أن يجاوروها بالمقعد فهي دائمة ( اللكش ) بكوعها لتنبيه الراكب بجوارها للإصغاء لحديثها دائمة الأكل . كثيراً ما ترها تحمل نصف دسته من أكياس البطاطا أو نصف كيلو بزر تأكله بطريقة فريدة فهي تضع كمية كبيرة من البزر في فمها دفعه واحدة و ليس حبة حبة و على حد قولها ( الكوسا و الباذنجان فقط هي التي تؤكل حبة حبة ) فبعد أن تمضغ اللب تقوم بقذف الفوارغ في الهواء فيصدر لها أزيز تلسع كل من يعترضها فذاك في رقبته و الأخر في كتفه فلا يفوتها أحد كل يأخذ نصيبه من قشور البزر و حين تهم إقبال خانم بالنزول تقول حكمتها المعهودة ( يلعن أبو السرابس بتظل ملياني وسخ ) فاحذروا أيها المسافرين من أقبال خانم فقد قررت في السفرة القادمة أن تحضر معها صينية فته ( روس و كراعين ) فتفضلوا ألفين صحة و هنا
- إلى اللقاء في حلقة أخرى مع معاناة تراكتور